بسم الله الرحمن الرحیم
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَ لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَوَاتٌ وَ مَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الحج/40
لقد بلغَ مسلمي أوروبا خبرُ العلامة الكبير آية الله الحاج الشيخ عيسى قاسم أحمد قاسم وإهانته على يد حكّام البحرين الجائرين من آل خليفة، وقد صُدمنا جميعاً وشعرنا ببالغ الأسف حيال هذا الفعل الشنيع.
إن نظام الحكم هذا، نظام وراثي قائم على صيانة مصالح العائلة، وهو نظام انبثق تابعاً لنظام جائر آخر، نظام آل سعود، وليس غريباً على هكذا نظام أن يستعين بتُهم واهية ليُسقط الجنسية عن شخصية بارزة أصيلة، جذورها في البحرين تتجاوز بكثير حاكم البحرين الحالي، فيتذرّعون بتلك التهم ليحرموا هذا العالم الكبير من العيش في ارضه وموطن أجداده، تُهم من قبيل “الخروج عن واجبات المواطنة”، “وضرب التعايش السلمي”، “وتعميق مفاهيم الطائفية السياسية”، “الخروج على الدستور والقانون وكافة مؤسسات الدولة”، و “شق المجتمع طائفياً”.
إن الإتحادية الأوروبية الإسلامية لعلماء الشيعة تدين هذه الحركة الوقحة وتفيد:
1ـ إن نظام الوكالة الشرعية عن المراجع العظام هو نظام معروف وعابر للحدود، ولطالما كان موجوداً بين المسلمين عبر التاريخ، وليس آية الله الشيخ عيسى قاسم ليس أول وكيل للمراجع ولن يكون الأخير. إن التهمة المهينة بحق سماحة الشيخ تحت عنوان “العمالة للأجانب” هو تحريف لحقيقة تاريخية وإهانة كبرى للمرجعيات الدينية وعلماء الدين.
2ـ إن مكانة علماء الإسلام في الأمة ظاهرة بوضوح في الثقافة القرآنية الأصيلة، وآية الله الشيخ عيسى قاسم أحد مفاخر الشعب البحريني المسلم، وهو جزء لا يتجزء من المجتمع الإسلامي البحريني، وإنّ أي عمل يهدف إلى إلغائه جسدياً من المجتمع البحريني، هو انحراف عن ثقافة القرآن الكريم، ويقع ضمن إطار الإفراغ المعنوي للمجتمع الإسلامي، وإشعال مواجهة علنية مع الدين الإسلامي.
3ـ إن المتابع لمسار التحوّلات في البحرين يُدرك أن آية الله الشيخ عيسى قاسم كان له في السنوات الأخيرة الدور الكبير في بقاء المعارضة الشعبية سلميّة وشعارها “سلميّة، سلميّة”، وله الفضل الكبير في لجم نار الفتنة المحرقة، ولم يكن له أي دور في إذكاء الطائفية والتفرقة، ولذا تُعدّ هذه الإتهامات بحق هذه العالم الكبير الذي يمثّل صمّام أمان لأمن الشعب البحريني المظلوم، إتهامات مباينة للواقع، وتقع ضمن سياق ضرب أمن المجتمع وحتى نفس أمن الحكم الديكتاتوري لآل خليفة. وفي الحقيقة، فإن إسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم سيعود على آل خليفة بنفس النفع الذي عاد على شاه إيران ونظامه الجائر عندما نفى الإمام الخميني (قُدّس سرّه).
4ـ يُعدّ تصرّف نظام آل خليفة في إسقاط جنسية سماحة الشيخ سحقاً لأدنى حقوق المواطنة، ومخالفة صريحة للمادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصرّح بعدم جواز حرمان أي شخص من جنسيّته اعتباطاً. والأمر كما جاء في تصريح مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أن “قرار البحرين إسقاط الجنسية عن عيسى أحمد قاسم غير مبرر وفقا للقانون الدولي”.
5 ـ إن الإجراءات الرعناء التي اتّخذها نظام آل خليفة، طاعةً لفتنة آل سعود، هي واحدة من الأفعال الشنيعة المجرمة التي تتالت خلال السنوات السابقة، ومنها: خلق جو من الرعب والخوف في المراكز الدينية، إيقاف عمل مؤسسات المجتمع المدني، كحزب الوفاق ـ أكبر حزب قانوني في البلد ـ إضافة إلى حزبين قانونيّين آخرين، ممارسة الضغط على العلماء، هدم المساجد والأماكن الدينية، الحكم بالسجن لفترات طويلة على شخصيات وطنيّة بارزة و…
ختاماً، نطالب جميع المسلمين في العالم، والمؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان، وبالأخص مجلس النّواب الأوروبي، أن يبذلوا الجهود في سبيل الحفاظ على حقوق هذه الشخصية العلمية والشعبيّة، وأن يحولوا دون قيام آل خليفة بهذه الإجراءات المتفلّتة من زمام العقل.
رضا رمضاني
رئيس الاتحادية الأوروبية الإسلامية لعلماء الشيعة
2016/6/22